الأربعاء، 11 يونيو 2008

ملاحظات حول استضافة السيد وزير النفط في مجلس النواب

ابتداءا أود تذكير القارئ الكريم بالسلسلة التي نشرناها على صفحة كتابات تحت عنوان (تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال) والتي بينا فيها بعرض مبسط بعض الحقائق التي رافقت دعوى تهريب النفط الخام من البصرة لنحيل الى قناعة القارئ موضوع تصديق تلك الدعوى او تكذيبها ومن المفيد ايضا تذكير القارئ الكريم بان اخر مقالات تلك السلسلة والذي صادف نشره مع طلب مجلس النواب استجواب السادة وزراء النفط الحالي والسابقين للتحقيق والفصل في دعوى تهريب النفط الخام وقد ضمنته رأيي الشخصي بان ذلك الطلب لن يلق آذانا صاغية لان هدف دعوى التهريب هو التسقيط السياسي لا اكثر!!
اقول ذلك كمقدمة لملاحظات اوردها في الاسطر التالية حول استضافة السيد وزير النفط يوم السبت الماضي في مجلس النواب على خلفية الطلب المقدم من النواب للتحقيق في تهريب النفط الخام ولان الجلسة لم تبث على وسائل الاعلام فساكتفي بالملاحظات التي اوردها النائب (بهاء الاعرجي) لقناة الشرقية عن بعض ما دار في تلك الجلسة بصفته احد الحاضرين فيها.
1. ان عنوان استضافة السيد الوزير هو التحقيق في دعوى تهريب النفط الخام ولكن جميع ما نقل في وسائل الاعلام كقناة الحرة او العراقية وغيرها لم يتطرق الى ذكر رأي السيد الوزير في حقيقة وجود تلك الدعوى بل نقلت وسائل الاعلام ان الوزارة بصدد زيادة الانتاج وعقد اتفاقيات مع دول الجوار حول استغلال الحقول المشتركة ومكافحة الفساد وتزويد محطات الكهرباء بالوقود ..الخ ولولا ان الشرقية بالصدفة استضافت السيد بهاء الاعرجي لتسأله تحديدا عن الدور الايراني في سرقة النفط العراقي (وهو حصرا ما كان يهم قناة الشرقية!!) فاستفاض السيد النائب في سرد بعض وقائع الجلسة بما سمح لنا الاطلاع على راي الوزير بالقضية محور البحث.
2. قال السيد الوزير حسب ما نقل السيد بهاء الاعرجي عن موضوع تهريب النفط الخام (انه هراء) و لا يوجد تهريب للنفط الخام العراقي.
بعض الصحف المطلعة نشرت بعضا من وقائع الجلسة (دون التطرق الى قضيتها المحورية وهي التهريب) فبينت ان بعض النواب دافعوا عن السيد الوزير كونه نزيها ويكافح الفساد الاداري في وزارته وقد زاد الانتاج الى اعلى مستوى له ...الخ واود ان ابين جملة ملاحظات بخصوص ذلك:
1. ان احدا لم يطعن في ذمة السيد الوزير الحالي او الوزراء الذين سبقوه وكان مدار الكلام دائما هو مدى كفاءة ذلك الوزير لشغل منصبه وهو معيار لا علاقة له بالنزاهة.
2. ان زيادة انتاج النفط لا تعد انجازا ابدا ما لم يرافقها زيادة في الصادرات خصوصا من ميناء البصرة الذي حافظ على معدل ارقام صادراته بحدود (مليون ونصف المليون برميل يوميا) رغم مضي خمسة سنوات على التغيير السياسي وان الزيادات الحاصلة في الصادرات من النفط العراقي تاتي من صادرات كركوك من النفط الخام عبر الانبوب الى ميناء جيهات التركي ومتى توقفت تلك الصادرات لاي سبب فاننا نعود الى ارقام صادرات ميناء البصرة لذا فان زيادة الانتاج في يوم معين بدون زيادة في التصدير تعني اننا يجب ان نخفض الانتاج في اليوم التالي حيث لا توجدفي العراق قدرة خزنية كبيرة لخزن الفرق بين الانتاج والتصدير.
لقد اظهرت جلسة الاستضافة تلك برغم شحة ما رشح عنها من معلومات امورا مهمة ارجو ان ابينها في ملاحظات مختصرة:
أ‌. العجز الواضح لمجلس النواب عن القيام بواجبه الرقابي بسبب قلة خبرة النواب وعدم كفاءة اغلبهم باستثناء التحالف الكردستاني الذي يبرهن دائما على حضوره بصفته بيضة القبان فقد اوصل للسيد الوزير رسالة مفادها اننا مستعدون لتفهم موقفك اذا ما ابديت المرونة اللازمة تجاه عقودنا النفطية لا سيما وان السيد الوزير قد استبق الموقف باستصحابه السيد وكيل الوزارة عن التحالف الكردستاني معه الى جلسة الاستضافة.
ب‌. اما الكتلة صاحبة طلب الاستضافة (الفضيلة) فقد اسقط في يدها وعجزت عن ان تظهر للرأي العام نتائج تلك الاستضافة او دورها فيها في حين تحركت كتلة السيد الوزير (الائتلاف) في دائرة المنافع الشخصية لنوابها من عطايا الوزارة وتعييناتها اما الصدريون فكان لسان حالهم يقول اذا لم يكن هناك تهريب فما هي اهداف صولة الفرسان؟؟
ت‌. جاءت نتائج الاستضافة مؤيدة للرأي الذي ذهبنا اليه من ان دعوى التهريب لن تحسم قبل انتخابات مجالس المحافظات لانها دعوى ذات هذف سياسي لا غير فقد تعمدت هيئة الرئاسة في البرلمان افراغ الاستضافة من محتواها بعدم جعل الجلسة علنية وتهميش موضوعها الاساسي في وسائل الاعلام على الرغم من ان السيد الوزير من الناحية القانونية والعملية قد حسم الخلاف بقطعه بانتفاء وجود التهريب الا ان سوء تسويق وقائع الجلسة للرأي العام (والذي اعتقد جازما بانه مقصود لا سيما وان النائب الاول لرئيس البرلمان ينتمي الى كيان مستقلون الذي يقوده السيد الوزير) ارجعنا الى المربع الاول وستشهد الساحة السياسية الاسلامية مزيدا من التشرذم والضياع بسببها ولات حين مندم.

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

تهريب النفط العراقي..حقيقة ام خيال.. ملاحظات هامشية


أود بادئ ذي بدئ أن اشكر جميع الاخوة الذين راسلوني وأعلموني بمتابعتهم لهذه المقالات مبدين ملاحظاتهم على بعض جوانبها او راغبين تضمينها بعض المقترحات الاخرى واستميح الجميع عذرا فيما سأقول وأرجو أن يتحملوا مني بعض ما يتحملونه من سمو أمير المكاميع ولاني شخصيا لا أقرأ مقالا يزيد عن صفحة ونصف لذا سأقصر مقالتي هذه على ابداء بعض الملاحظات آملا أن اتابع المقالات المتسلسلة في وقت قريب لاحقا باذن الله.
هناك لقطات تعرضها قناة الحرة كترويج لبعض يرامجها يظهر فيها احد احباءنا العراقيين والذي يبدو انه موظف اتعبته الخدمة في دوائر الدولة وهو يقترح ما يلي (( على رئيس الوزراء أن يتابع وزرائه وزير وزير )) وبالرغم من انها عرضت مئات المرات الا انني لازلت اضحك من هذه الملاحظة حتى الان وكاني اسمعها للمرة الاولى .
طيب ومسكين هذا العراقي فهو يندك بواقعه المعاش حتى لا يرى مناصا من قياس كل احداث ووقائع الحياة قياسا متطابقا مع حياته وواقعه.
اقول قولي هذا لان ملاحظات بعض الاخوة الكرام اوحت لي باني لم اكتب شيئا في الحقيقة أو أنهم لم يقرؤا شيئا وفي واقع الحال فأني عانيت جهدا كبيرا في تبسيط فحوى المقالات كي اوصل الفكرة الى طلاب الصف الثالث المتوسط والذين هم على اعتاب مرحلة النضج العقلي لانهم أول لبنة في بناء مجتمعنا الحديث.
ولاني تجنبت الكتابة باسلوب الاستاذ (باقر محمد ) فقد اشترطت ضمنا ومسبقا في قراءة المقالات ما يلي:
1. ان لا يتوقع مني القارئ الكريم اجابة مباشرة عن سؤال (هل هناك تهريب للنفط؟) لكني سأعرض له من الحقائق ما يمكنه من أستنتاج الاجابة بنفسه .
2. اني اتحدث تحديدا عن دعوى تهريب النفط الخام لا عن تهريب المشتقات النفطية وقد بينت السبب في المقال الاول فارجو مراجعته .
3. اني انما اخترت دعوى تهريب النفط الخام لانها دعوى استغلت سياسيا ولم يكن الهدف منها مكافحة الفساد المالي والاداري (بفرض وجود التهريب أصلا ) كما بينت في المقال الثالث.
4. سبق وان قلت بشكل واضح أن من يقول بوجود تهريب للنفط يجب ان يكون شاهد عيان لاننا لا نمتلك من الوسائل التقنية ما يمكننا من اكتشاف ذلك وشاهد العيان في العراق هو الذي شاهد بعينه لا الذي (قالوا له).
احد الاخوة الكرام ذكر ملاحظة مهمة وهي ماذا تقول في ما صرح به رئيس هيئة النزاهة عن التهريب وساكتفي بان اضرب له مثل عن مدى دقة هيئة النزاهة (مع احترامي لها)



فقد نشرت جريدة الصباح في احد اعدادها قبل عامين ونصف تصريحا للسيد رئيس هيئة النزاهة في حينها القاضي راضي الراضي قال فيه (أن عناصر الهيئة قد احتجزوا قرب الموصل خمسة سيارات حوضية محملة بمادة النفط الاسود معدة للتهريب وتبلغ قيمتها ملايين الدولارات ).
ولان لي جار كان يملك معملا للطابوق قبل ان يتوفق للعمل في تجارة السيارات المستوردة من الاردن ولاني اعلم ان افران الطابوق تستعمل النفط الاسود كوقود فقد سألته بكم تشترون النفط الاسود فقال لي ان سعر الطن هو خمسون الف دينار ولكي اتاكد من السعر اكثر قلت له دينار ام دولار فقال (عمي دينار هو الاسود المصافي بس تريد تخلص منه) وهذا من البديهيات لانه مخلفات عملية التصفية للنفط الخام.
تعال معي ايها السائل ندقق بحساب بسيط لنتأكد هل أستغفلنا السيد رئيس هيئة النزاهة (سابقا) بتصريحه للصباح أم لا ؟
السيارة الحوضية تحمل بالمتوسط (36000) لتر فاذا كان وزن اللتر الواحد كيلوغراما واحدا والطن يساوي الف كيلوغرام فبالقسمة على الف نستخرج ان ماتحمله الحوضية تقريبا ستة وثلاثون طنا .
اذن حمولة جميع الحوضيات الخمسة تساوي 36x5=180 طن
فيكون سعر النفط الاسود الذي تحمله تلكم الحوضيات يساوي حاصل ضرب 180 في 50000 ويساوي تسعة ملايين
دينار عراقي ولان سعر الدولار انذاك كان يساوي 1500 دينار فان سعر الحمولة بالدولار يساوي ستة الاف دولار عدا ونقدا .
طبعا لا يفهم من هذا اني أؤيد تهريب حتى ستة الاف دولار بل اتساءل ما هو الهدف من تدويخ العراقي بسبب وبدون سبب وترسيخ فكرة انه مستلب الارادة وان ثرواته واموال بلده تنهب وهو عاجز عن حمايتها وحكومته لا تأبه لها؟
اخي القارئ الكريم ان الهدف من كتابة هذه السلسلة من المقالات ليس مكافحة الفساد الاداري والمالي لان هذا الفساد اكبر من جهد شخص واحد او مجموعة اشخاص بل هو جهد الدولة مجتمعة ولكن الهدف هو قدح زناد العقل العراقي كي يفكر فيما يقال له ولا يسمح باستغفاله بعد ان كلسته المناهج الثقافية والطروحات الحزبية والتحليلات السياسية التي يستيقظ وياكل وينام على انغامها.
هي دعوة لكل عراقي لان يقول كفاكم استغفالا اما ان تبنوا وتعمروا العراق وتحموا ثرواته او ان تغادروا غير مأسوف عليكم دون ان تصدعوا رؤوسنا بالدعاوى الفارغة.
مع شكري واعتذاري لكل الاخوة الذين راسلوني واحترامي لاراءاهم القيمة ولنا معكم لقاء قريب ان شاء الله

الأحد، 8 يونيو 2008

تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال4


كيف يمكن لنا أن نفصل في صحة دعوى وجود تهريب النفط من عدمها؟..ما هي الاليات التي يمكن لنا ان نتبعها لنقرر هل هناك حقيقة تهريب للنفط ام لا؟..كيف يتأتى لنا أن نخرج الشعب العراقي من محنة البحث عن الحقيقة وأعادة الثقة والاطمئنان اليه بان حكومته لم تغفل واجب المحافظة على ثروات البلد ومقدراته وأنها لم تترك العراق نهبا للسراق والمجرمين ؟
الجواب بسيط جدا .. ممثلوا الشعب هم من تقع عليه هذه المسؤولية العظمى .
وساذهب بعيدا فاقول ان نواب الشعب يتحملون مسؤولية ووزر الالم الذي سببته دعوى التهريب لابناء الشعب العراقي طوال السنين الماضية . هم وحدهم من سمح للاشاعة بان تنتشر على مدى اربع سنوات او خمس دون ان يبذلوا ادنى جهد لتاكيدها وبالتالي محاسبة مرتكبيها أو نفيها وقطع دابر الذين يكيدون للعملية السياسية في العراق مما سمح بعرض اجزاء جديدة من فلم الرعب هذا ادخلت فيه دول الجوار كضيوف شرف في قصة واسعة وممتدة الاطراف والمضحك ان السادة النواب يوجهون اللوم الى دول يحتاجون الى تصاريح سفر لدخولها والاستفسار منها ولا يكلفون انفسهم عناء الاتصال الهاتفي بالوزارة التي لا يحتاجون الى تصريح لدخولها !!
ان من الواجبات الاساسية لمجلس النواب هو اجراء المراقبة على اداء مؤسسات الدولة واصدار والغاء وتعديل التشريعات بما يضمن عدم التفريط بحقوق الشعب الذي يمثلونه.
انا اقول للسادة ممثلي الشعب ان الاوان لم يفت بعد وان عليهم ان يكونوا بمستوى مسؤولياتهم وان يناقشوا الحقائق الجلية ويحتكموا الى الوقائع لا الاقوال والاكاذيب وان يجعلوا القضاء عونا وساندا لهم في مهمتهم.
لقد سمعت مؤخرا ما يمكن ان يكون فيه بارقة أمل فقد نقلت الفضائيات يوم امس خبرا مفاده ان مجلس النواب سيقوم بفتح هذا الملف للتحقيق فيه ولكي انقل للقراء الكرام رأيي الشخصي في هذه المبادرة من مجلس النواب (وارجو بشدة ان اكون مخطئا) فاني اقول أن المجلس الموقر الذي اهمل هذا الموضوع الحيوي طوال تلك السنين لن يتعامل بجدية مع هذا الملف وأن شيئا لن يحدث قبل انتخابات مجالس المحافظات (ان اجريت في موعدها المقرر في تشرين اول او تاجلت كما بدأت عناصر من المفوضية المستقلة للانتخابات تشيع في وسائل الاعلام ((لاسباب فنية)))
لماذا ؟ لان دعوى التهريب وكما ذكرت ضمن هذه المقالات هي دعوى ذات هدف سياسي لا أكثر!!
وأنها مذخورة كسلاح في حرب الانتخابات المقبلة !!
ويعلم الله كم بودي أن اكون مخطئا وان يأخذ مجلس النواب الموضوع بكل جدية وينهي ملف التهريب قبل انتخابات مجالس المحافظات لان دعوى التهريب وان كانت مفيدة لكل الكتل السياسية في تسقيط بعضها البعض الا ان المحصلة انها قد اسقطت الجميع ولوثت الجميع خصوصا مكونات قائمة المرجعية او ما كان يعرف بالائتلاف الموحد الذين أستأثروا بالوزارة فقد مزق بعضهم جلابيب البعض الاخر واصبحوا بحاجة لمن يستر عوراتهم ومن لا يصدق فليطلع على تقارير هيئة النزاهة والتي دخلت هي الاخرى في هذه المعركة كطرف فيها لا كفيصل بين الاطراف فتأمل !!
الكل يعرف ان رئيس الهيئة (كرئيس أي دائرة) هو شخص تنفيذي لديه واجبات وصلاحيات محددة تمكنه من تسيير الامور الادارية والمالية لهيئته تحديدا كالتعيين والترقية واصدار التعليمات التي تنظم شؤون الهيئة وان للهيئة اليات تنفيذية و قانونية تمكنها من استدعاء المسؤولين ومساءلتهم واتخاذ الاجراءات القضائية كالتوقيف لاغراض التحقيق والاعتقال والاحالة للمحاكم وغيرها وهذه الاجراءات يضطلع بها فريق متخصص داخل الهيئة يعمل باستقلالية عن رئيس الهيئة فلماذا نسمع التصريحات من رؤساء الهيئة المتعاقبين عن تورط مسؤولين في الدولة بعمليات فساد اداري ومالي وهم حتى لم يستدعوا للمساءلة في الهيئة ومن يتمعن في تصريحات السادة رؤساء الهيئة السابقين يجد ان لها خلفية شخصية تتعلق بعلاقتهم بالسيد رئيس مجلس الوزراء او بمرجعياتهم الادارية والاغرب انهم يحتفظون بوثائق الهيئة (في عملية فريدة من الفساد الاداري وسرقة وثائق الدائرة) ويعرضونها لا على مجلس النواب العراقي بل على مجلس النواب لدولة الاحتلال الصديقة او في اضعف الاحوال على وسائل الاعلام متجاوزين كل الانظمة والاعراف الادارية ومعرضين في الوقت نفسه أمن تلك الدوائر لخرق خطير وهذه المفارقة لا يمكن ان تحدث الا في بلد مستباح كالعراق.
ولرب سائل يسأل بعد ان قرأنا كل تلك المقالات عن رصانة عمليات استخراج وبيع النفط الخام وشفافيتها فهل يمكن لنا ان نقطع بخلو وزارة النفط أو القطاع النفطي عموما من الفساد الاداري والمالي؟
ولاننا لسنا في معرض اتهام احد او تبرئة ساحة احد نقول ما من قطاع في الدولة يتضمن نشاطات متعددة كالانتاج والتصدير والاستيراد والتوزيع والنقل ونشاطات داخلية مهمة كالاعمار والصيانة وتأهيل البنى التحتية مما يتطلب استيراد المواد الاولية والاحتياطية وابرام عقود ومقاولات ضخمة و يمارس كل تلك النشاطات وجلها نشاطات تجري في الغرف المغلقة وتفتقر الى اجراءات الشفافية ثم يخلو هذا القطاع من الفساد وهذه من البديهيات ولو ان مؤسسات الدولة المختلفة (لا مؤسسات الحكومة فقط) مارست عملها الطبيعي ومنه اكمال الحسابات الختامية لوزارات الدولة وتدقيقها عند مناقشة قانون الموازنة العامة لاكتشفت جوانب مهمة من هذا الفساد وعليه لنا ان نقول ان الجميع مشتركون في الفساد ولكن ليس الجميع يملؤون جيوبهم من اموال ذلك الفساد.
نحن وان كنا تجاوزنا فكرة هذه السلسلة من المقالات الا انني وجدت من الضروري ان يطلع القارئ الكريم على جوانب حيوية من حركة المال العام بهدف وضعه بالصورة الاقرب للحقيقة وتهيئته لعدم تقبل كل ما يقال له لا سيما ما تنتجه ماكنة الاعلام مدفوع الثمن والذي لا يتحصل منه سوى وضعه في متاهة كافكاوية لا يحسن الخروج منها.
ارجو ان اكون قد وفقت لتحقيق الغاية التي رسمتها لنفسي في هذه السلسلة من المقالات راجيا من القارئ الكريم التماس العذر لي في حالة وجود اي ثغرة او تقصير غير مقصود ولعلنا نلتقي في مقالات اخرى تتضمن افضل الوسائل لعلاج ظاهرة الفساد في الدولة والمجتمع والله من وراء القصد.

الأربعاء، 4 يونيو 2008

تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال3


لقد تم استغلال موضوع العدادات وتوظيفه توظيفا سياسيا سيئا للنيل من وزارة النفط العراقية (بصرف النظر عن انتماءات الوزراء المتعاقبين) واربك ذلك التوظيف السئ الشارع العراقي بما يدعم مقولة القائلين بوجود عمليات تهريب كبرى للنفط العراقي (وارجو ان لايكلفني القارئ الكريم مشقة ذكر عبارة النفط الخام لانني لا اقصد سواه بهذه المقالات بعد ما اوضحناه في المقالة الثانية فراجع) فما هي قصة العدادات؟
لابد في البداية ان اوضح للقارئ الكريم قضية علمية بسيطة وهي ان نظام القياس والمراقبة يجب ان يكون نظاما متكاملا ولا يصح اجتزاء الانظمة لانها لن تكون ذات جدوى وارجو ان ابسط ذلك فيما ياتي :
ان عملية تدقيق وجود تسرب في كميات النفط لايمكن اكتشافها ما لم يكن معلوما لدينا المعطيات التالية (كمية النفط المنتج من الابار +كمية النفط الذاهب الى المصافي المحلية +كمية النفط المخزن+كمية النفط المصدر) وهي معادلة صفرية بسيطة تساوي:
كمية النفط المنتج –(كمية النفط الذاهب للمصافي المحلية+كمية النفط المخزن+كمية النفط المصدر)=صفر
هذا اذا لم نأخذ في الحسبان كميات النفط التي يتم هدرها في الاعمال الارهابية على الابار او خطوط الانابيب الناقلة .
ان نصب العدادات مع اهميته لا يعطينا سوى معطى واحد من تلك المعطيات وهو كمية النفط المصدر ومالم يكن معلوما لدينا باقي المعطيات فمن المستحيل توفر دليل مادي على التلاعب في كميات النفط ولانجاز مثل هذا النظام يقتضي وضع عدادات لقياس كميات النفط الواردة من الابار مع عدادات لقياس كميات النفط الذاهبة للمصافي والذاهبة للخزن كل على حدة وان يكون لدينا برنامج حاسوبي (نظام قواعد بيانات) تكون مدخلاته جميع البيانات الواردة من العدادات المختلفة (والتي يجب لاغراض تقنية بحتة ان تكون من نوع واحد وبنسبة تحمل خطأ toleranceواحدة يسمح بربطها بشبكة الحاسوب) وبهذا فقط نستطيع ان نقول ان لدينا نظاما لمراقبة حركة النفط وتدقيق التلاعب ان وجد وبالاثباتات لا بالادعاءات.

لايمكن لشخص ان يقول ان هناك تهريبا للنفط مالم يكن شاهد عيان على ذلك التهريب لاننا لانملك الوسائل التقنية لاثبات ذلك !!
نعود الى وزارة النفط المبتلاة بالاتهامات (ولست في معرض الدفاع عنها لانني لا اعلم على وجه اليقين دقة الادعاءات بوجود التهريب لكنني استعرض الحقائق ليس الا) فبعد سقوط النظام السابق قام الاصدقاء المحتلون بتوزيع عقود اعمار العراق البالغة ثمانية عشر مليار دولار على الشركات الحليفة فكان هناك عقد قيمته سبعة عشر مليون دولار لنصب عدادات حساب كميات النفط المصدرة في الميناء اعطي ضمن صفقة تقسيم الغنائم من شركة بكتل الى شركة باركنسونز وكان من المفترض ان يتم انجاز نصب تلك العدادات خلال سنة (ما ادري ليش؟) ثم تم تمديد المدة سنة بعد سنة (ايضا ما ادري ليش؟)والى الان مع ان تقرير دائرة المفتش العام الامريكي في نهاية كل سنة يوجه اللوم الى الحكومة العراقية لتقاعسها في نصب العدادات (؟؟!!) .
ثم لنفترض ان العدادات نصبت فهل حلت مشكلة التهريب ؟؟
بعد الذي قدمناه يمكن ان نجيب بـ( كلا) لا سيما اذا عرفنا ان كميات النفط المصدرة لا تصدر بطريقة (الكوترة) ولو راجع القارئ الكريم مقالنا السابق الذي قلنا فيه ان كل ما يتعلق ببيع النفط الخام مكشوف ومعلن فان من نافلة القول ان نعلم هذا القارئ الكريم بان ناقلات النفط العملاقة هي ناقلات عالمية معروفة السعة والحجم وان حمولة كل ناقلة معروفة بشكل جيد لشركات التسويق ومع كل ذلك فان مهندسين عراقيين يتواجدون في الميناء وظيفتهم تدقيق وحساب الكميات المحملة بطريقة حساب الحجم وهي بالطبع طريقة قديمة ولكنها موثوقة مع انعدام وسيلة اخرى للقياس .
اذا لماذا هذا الهرج الاعلامي عن العدادات وكيف يتم تهريب ملايين الاطنان من النفط العراقي في ظل عدم وجود تلك العدادات العزيزة ؟؟
انها وسيلة ضغط وابتزاز وتسقيط سياسي لا أكثر !!
الجميع يستفيد من دعوى التهريب..هي حجة الحكومة في لضرب المناوئين بتهمة مطاردة المهربين .. هي حجة الطامع في الوزارة لتسقيط الوزير الحالي .. هي حجة الوزير الحالي لتسقيط الوزير السابق .. هي حجة لتسقيط الحكومة المحلية في المحافظات المنتجة والبصرة على وجه الخصوص .. هي حجة لقوى الاحتلال الصديقة للضغط على الحكومة وابتزازها..هي موضوع للمحللين السياسيين مدفوعي الثمن (وعبر الدائرة التلفزيونية المغلقة من لندن وباريس وهامبورغ وعمان) للظهور على فضائيات الشرقية والغربية ليفطروا قلوبنا حزنا على نفطنا الضائع .. الجميع مستفيد والانكى ان محافظ البصرة ومجلس محافظتها لا يجرؤون على نفي تلك الدعوى لأنهم وبكل سذاجة .. صدقوها !!
ولكي تضحك أكثر عزيزي القارئ فأن السيد الوزير الحالي بعدما ظهر عدة مرات لينفي وجود تهريب للنفط الخام وبعدما خلت جميع تقارير الشفافية التي يصدرها مفتش عام وزارته من اي دليل على تهريب النفط الخام ظهر على الشاشة الصغيرة مؤخرا ليتهم أشخاصا بتهريب النفط في البصرة مستفيدا من عمومية كلمة النفط (لأنه لم يقل النفط الخام) ربما في صفحة من صفحات معركة ((الاخوة الاعداء))!.
هل رأيت عزيزي القارئ دعوى أثمن وأفضل من تلك ..لا أحد يثبتها لانه لا يتوفر لأحد دليل عليها و لا أحد ينفيها لأن الجميع يستخدمها كسلاح ضد الجميع .. حتى بات حديث التهريب الذي يمكن ان يكون مفترى حديثا متواترا لا يجرؤ أحد على تضعيفه أو توهين العدول الذين نقلوه مع مجهوليتهم وكونه من المراسيل !!
ولنا معكم لقاء اخير حول هذا الملف باذن الله

الأحد، 1 يونيو 2008

تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال2


من غرائب اللغة العربية ان كلمات قليلة الحروف تكون كبيرة المعنى مثل (أم , أب , أخ , حب , موت...الخ) ومن هذه الكلمات كلمة (نفط) فهي قليلة الاحرف لكنها عظيمة المعنى فما المقصود بهذه الكلمة .
طبعا انا هنا لا اقصد الحديث عن ذلك المركب الهيدروكاربوني الذي اعتصرت الطبيعة اثداءها لالاف السنين كي تلقمنا اياه ولكني اقصد من الناحية الاقتصادية ما الذي ينصرف اليه الذهن حينما نقول (نفط)او ((oil بالانكليزية .
خبراء الاقتصاد والطاقة يميزون بين مكونين كلاهما درجنا على تسميته بالنفط الاول هو النفط الخام وهو هبة الطبيعة الذي نستخرجه من باطن الارض والثاني هو المشتقات النفطية اي المكونات الخفيفة التي تنتج من عملية التصفية والمعالجة لمادة النفط الخام وهي كثيرة جدا منها على سبيل المثال لا الحصر (البنزين,الارتي او بنزين الطائرات,النفثا,زيت الغاز,النفط الابيض )وغيرها كثير.
ان المائز الاقتصادي بين النفط الخام والمشتقات النفطية هو ان الاول يعتبر (رأسمالا) او بعبارة اخف وطأة يعتبر سلعة استثمارية تساوي قيمته ما يساويه عدله من الدولارات أما المشتقات النفطية فهي سلع استهلاكية تباع وتشترى لغرض الاستهلاك كالشاي والسكر والدقيق ونحوها, ولهذا السبب فان النفط الخام مطلوب من قبل عمالقة المضاربين في السوق وهناك الاف المعقبين العالميين ذوي الخبرة الفائقة وظيفتهم التحري عن وجود كميات من النفط الخام هنا او هناك لغرض المساومة عليها وشرائها لاغراض المضاربة السوقية اما المشتقات النفطية فهي مطلوبة حصرا من المستهلكين .
ان المضاربة بالنفط الخام خارج السوق الاقتصادية العالمية المعروفة (اي باسلوب التهريب ) تؤدي الى حدوث خسائر كبيرة وتلحق اضرارا عظيمة بمصالح المستثمرين الكبار لان المهربين يبيعون هذا النفط باسعار تقل عن اسعار السوق العالمية وبذلك يربكون اسعار الاسهم في سوق المضاربات المالية مما يؤدي الى تراجعات يمكن ان تسبب خسائر فادحة وتطال هذه الخسائر الدول الصناعية الكبرى التي سبق لها ان تعاقدت على شراء كميات من النفط باسعار معينة فضلا عن استخدام رؤوس الاموال تلك في تمويل العصابات والمتمردين وتجار الاسلحة طالما كانت اموالا خفية غير منظورة .
ولمعلومات القارئ الكريم فان التعاقد على شراء كمية من النفط الخام يجري قبل موعد التسليم بحدود ستة اشهر وان الاسعار تحدد وفق معادلة سعرية معروفة لدى شركات التسويق ومنها طبعا شركة تسويق النفط الوطنية العراقية (سومو) ولهذا فان بيع وشراء النفط الخام رسميا يجري تحت ضوء الشمس ولا مجال للتلاعب في اسعاره لان الاسعار معلنة ومتفق عليها عالميا.



بعد استعراضنا لتلك الاجراءات التي ربما لا يعرفها الكثير من القراء او يسمعون بها لاول مرة قد يتبادر الى اذهانهم سؤال مفاده لماذا تكون عمليات بيع وشراء وتسعير النفط الخام واضحة بما لا يدع مجالا للتلاعب بعكس معظم الصفقات التجارية؟
وللاجابة عن هذا السؤال لا بد لنا من ان نوضح جملة حقائق تتمحور حول مبدأ واحد وهو ان نقصا في امدادات الطاقة العالمية هو امر يضر البلدان المنتجة والمستهلكة للطاقة على حد سواء ولهذا السبب فان نقص امدادات الطاقة مما لا يسمح به النظام العالمي ولتحقيق الرقابة والضمانات على عدم حصول مثل هذا النقص فان عددا من المؤسسات قد تم استحداثها (احدها منظمة الاوبك) وان جملة من القوانين والانظمة قد تم تشريعها وعدد كبير من مراكز البحوث والدراسات قد تم انشاؤها تتخصص في دراسة مصادر الطاقة وكلف استخراجها ونقلها وفترة بقائها وزمن نضوبها وغير ذلك الكثير ولعل حجم الاحتياطيات من النفط في بلداننا من الشائعات في الاوساط المختصة عالميا اذ يبلغ الاحتياط المعلوم من النفط في العراق (115) مليار برميل قابل للزيادة الى ما يعادل ثلاث اضعاف هذا الرقم كما صرح السيد برهم صالح مؤخرا.
ان القدرة الانتاجية لكل دولة من الدول المنتجة للنفط معروفة كما ان عدد المصافي التي تستهلك النفط الخام في العالم وطاقتها الاستيعابية معروفة ايضا لذا ووفقا لهذه المعادلة البسيطة فان الدول المنتجة تنتج فقط ما يلبي حاجة المصافي العالمية مع هامش قليل من الاحتياط تحسبا للظروف القاهرة وهي تحدد انتاجها بهذه الكيفية للمحافظة على اسعار النفط ضمن مستوياته المعقولة او ما اصطلح عليه لاحقا بحدود الاسعار العادلة ( within fair prices).
ولهذا السبب فحينما تجاوزت اسعار النفط 116 دولارا للبرميل الواحد ضغطت الولايات المتحدة على الاوبك كي تزيد انتاجها فكان جواب الاوبك لازيادة في الانتاج لاننا ننتج ما يغطي الطلب العالمي على النفط اما الزيادة في اسعاره فهي ناتجة عن المضاربات السوقية وهو جواب دقيق غاية الدقة .
خلاصة هذا المقال ان الطلب العالمي على مادة النفط الخام معروف ويساوي مجموع القدرة الاستيعابية للمصافي العالمية وهي مصاف معروف عددها ومعروفة طاقاتها الاستيعابية.
وان انتاج النفط الخام يتم وفقا للطلب العالمي فقط ولا اجتهاد للدول المنتجة في تحديد سقفه (عدا بعض الخروقات اليسيرة والتي يتم اكتشافها في الغالب ) وان تسعيرة النفط الخام معروفة ومعلنة وتنشر في النشرات العالمية على مواقع الانترنت ومنها نشرة بلات فورم .
كانت تلك مقدمة ضرورية ندخل بعدها بمشيئة الله في ما يخص العراق من النشاط النفطي لنترك القارئ اللبيب يحكم بنفسه على صدق مقولة التهريب من كذبها وسيكون مقالنا القادم عن العدادات التي اربكت الاوساط الحكومية شارعنا العراقي بالحديث عنها ولنا معكم لقاء قريب باذن الله تعالى .

ملاحظة هامة: لكي لا يفهم القارئ الكريم من فحوى المقال ان تعاقدات بيع وشراء النفط الخام تخلوا تماما من الفساد فلابد من توضيح حقيقة أن أجراءات تسعير وبيع النفط الخام تعني بالضرورة عدم امكان بيع كميات اكبر من المتعاقد عليها لكنها لا تعني بالضرورة عدم وجود عمولات او رشا بين وسطاء الاطراف المتعاقدة وهناك موارد اخرى للفساد لا تتعلق بمضمون هذه السلسلة من المقالات فلا مجال لذكرها.