الجمعة، 30 مايو 2008

تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال1


منذ سقوط نظام صدام وتعاقب حكومات ما يسمى بالعهد الوطني الجديد ووزارة النفط في الاغلب من حصة الكتلة الشيعية فقد تسلم السيد ابراهيم بحر العلوم الوزراة الاولى (وزارة مجلس الحكم) وتسلم ثامر الغضبان الوزارة الثانية (وزارة السيد اياد علاوي) ثم تسلم السيد بحر العلوم الوزارة الثالثة (الحكومة الانتقالية ) ليتسلم السيد حسين الشهرستاني الوزارة الرابعة (حكومة الاربع سنوات).
خلال العام 2005 بدانا نسمع تقارير صحفية وتردد عبر وسائل الاعلام وجود عمليات تهريب كبرى للنفط العراقي حتى قرأنا مؤخرا ان حجم التهريب بلغ 500 الف برميل نفط يوميا وقد بدأ المحللون السياسيون (وهم غير متخصصين في الامور الاقتصادية وبالخصوص في امور النفط) يشرحون للجمهور الذاهل تداعيات عمليات التهريب تلك وتاثيرها على مستقبل اولادهم وكيف تستخدم الاموال المتحققة من تلك العمليات في تمويل الارهاب وميليشيات الاحزاب وما الى ذلك من دون ان يستشعر احد من المختصين بان من واجبه ان يتصدى لتلك الشائعات اثباتا او نفيا انتصارا لكلمة الحق واراحة لبال المواطن الذي ابتلي ببلد يمرضه حرا و يقتله جوعا ويمرض حاكميه بردا ويقتلهم تخمة.
بل الادهى والامر ان البرلمان الموقر يسمع من الاعلام ويتساءل اعضاؤه عن مدى دقة تلك المعلومات دون ان يكلف احدهم نفسه بوازع من الشعور بمسؤوليته الرقابية بسؤال الوزارة المعنية او استجواب الوزير او ان يمر على بعض مفاصل الوزراة المتخصصة للاستفسار منها وهو في طريقه الى مكتب الوزير ليستجدي منه تعيين احد اقاربه؟
وبلغ الامر حدا غير مسبوق بعد تفكك كتلة الائتلاف الشيعية اذ شمر الاخوة الاعداء عن اذرعهم التي جاهدت صداما لتجاهد بعضها بعضا فاعملوا في انفسهم فضحا وتسقيطا وبالطبع مستغلين تهمة التهريب تلك حتى دخل على خط معركة الاخوة الاعداء بعض الجالسين على التل في لندن وعمان او من الذين يقضون اجازاتهم من بلدانهم في المنطقة الخضراء علهم يحصلون على بعض الغنيمة بعنوان كونهم من التكنوقراط.
( هل هناك حقيقة تهريب للنفط العراقي ؟ )
استميح القارئ الكريم عذرا ان لا يتوقع مني اجابة مباشرة على هذا السؤال لا في هذا المقال ولا في المقالات اللاحقة المتعلقة بالموضوع ولكني ساضع بين يديه بعض الحقائق التي تمكنه من الوصول الى الاجابة ما لم يكن لديه موقف مسبق تاييدا او عداءا للاحزاب الحاكمة او للعملية السياسية .
ولنا معكم لقاء قريب باذنه تعالى

الخميس، 1 مايو 2008

مثقفون وتكنوقراط

يبدو ان ولعي بمتابعة الاخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية ومجمل النشاطات المتعلقة بالحكم والحاكمين اوقعني في مطب لا احسن التملص منه ذلك هو الحيرة في تحديد تعاريف بعض المصطلحات التي يرد ذكرها على الشاشة الصغيرة من قبل السيدات والسادة المشاركين في تلك البرامج .
لقد لفت نظري كثرة الحديث عن الثقافة والمثقفين وتهميش دور المثقفين في العملية السياسية الجارية في العراق كما لفت نظري تكرار القول بضرورة تشكيل حكومة من التكنوقراط وان الحل الامثل لمشاكل العراق هو العمل بمبدأ تسليم مؤسسات الدولة للتكنوقراط فمن هو المثقف ومن هو التكنوقراط؟
وبهدف عدم اشغال بال القارئ الكريم الذي اعرف يقينا انه ليس بحاجة الى مزيد علم وفهم لتعريف هذين المصطلحين لغويا وواقعيا فانني اتساءل وبمنتهى البساطة اذا كان المثقفون مهمشون في العملية السياسية فمن هم الذين يقودونها؟ واذا كان التكنوقراط مبعدون عن مؤسسات الدولة فمن هم الذين يديرونها واين يوجد التكنوقراط الان ..في بيوتهم ام في مكان اخر؟
ايها القارئ الكريم ..ما لم يكن لك موقف مسبق من العملية السياسية فارجو ان تتمعن في رأيي المتواضع والذي يسعدني كثيرا ان تقومه وتنبهني الى ما غفلت عنه ان لم توافقني عليه.
من الصعب تحديد مصداق محدد لمصطلح المثقف فكل مبدع او صاحب نتاج معرفي في مجال من مجالات المعرفة هو بالضرورة مصداق للمثقف ومن هنا فان سلفادور دالي ونيتشه والفارابي وشوبنهاور وابن المقفع ولوركا ورامبو هم بالضرورة مثقفون ومبدعون لكننا لو تمعنا في سير هؤلاء الافذاذ ودرسنا سلوكياتهم لوجدنا انهم يصلحون للفن والشعر والفلسفة لا للعمل السياسي لانهم وببساطة (مثقفون) لا (سياسيون) ، فدالي كان يعيش في عزلة عن العالم في صومعة جبلية لا هم له الا الرسم السوريالي وشوبنهاور كان متشائما الى درجة ان نتاجه الفكري وصف بالفلسفة المتشائمة وانشغل المعري بهمه عن هم الناس وهكذا من سواهم.
ومالم يكن التكنوقراط سياسيا فانه لن يصلح لاشغال منصب سياسي لانه لن يكن عندئذ (تكنوقراطا).
اخلص مما تقدم الى القول اننا فهمنا او هكذا ارادت لنا ماكنة الاعلام ان نفهم المعادلة بشكل مقلوب ، فنحن لا نحتاج الى مثقفين او تكنوقراطا لشغل المناصب السياسية بل نحتاج الى ساسة مثقفون وتكنوقراط وهذا فرق كبير لمن يتمعن.
كما اننا في المقابل نحتاج الى مثقفين دينيين ومثقفين سياسيين وتكنوقراط اداريين واقتصاديين لمراقبة وتقويم اداء القادة السياسيين.
ان الهدف الواضح من قلب المعادلة هو استهداف اصل العملية الديمقراطية في العراق من خلال التحشيد والتحشيد المضاد واستعداء المكونات على بعضها لخلق حالة التضاد الهدام بينها بدل حالة التضافر والاسناد البناء لان استبدال السياسيين غير المثقفين وغير ذوي الاختصاص بتكنوقراط ومثقفين غير سياسيين سيبقي معادلة الخراب قائمة.
لقد كان الفن على مر العصور مرآة للجمال كاشفا عنه كما كان القلم على مر العصور دالا على الخير داعيا له كاشفا عن الشر ناقدا له وكان النتاج الثقافي مرشدا للسلطة مقوما لنظام الحكم داعيا المجتمع الى الفضيلة نابذا للاحتراب محافظا على النظام العام.
المثقف هو صوت الحق الذي يمكن ان لا يستجاب له لكن لا يمكن الا ان يكون مسموعا والتكنوقراط هو الرقيب على الاداء والمستشار الذي يمكن ان لا يستجاب له ولكن لا يمكن الا ان يكون مؤتمنا.
ان وجود بعض الجهلة واشباه المتعلمين وبعض سارقي المال العام على رأس السلطة او في مفاصل الدولة المختلفة لا يفرض علينا تغيير المسار عن بوصلته لان الظرف الراهن ظرف زائل متى ما اصررنا على مسارنا الصحيح وتنبهنا الى بعض المشاريع التي يراد منها عودة الدكتاتورية من خلال الاقطاعيات (الاقاليم) الخاضعة لحكم العائلة و تكريس سلطة الحزب الواحد او الحزب القائد وصنمية الشخص او التبعية السياسية والاقتصادية لهذه الدولة او تلك، ومن هنا فان دور المثقف هو المجاهدة في التنبيه والاشارة الى مكامن الخطر وترشيد الرأي العام والعمل على ايجاد البديل الموضوعي والاهم من كل هذا وذاك تثبيت المسار على بوصلة التغيير نحو الحرية .