الأربعاء، 4 يونيو 2008

تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال3


لقد تم استغلال موضوع العدادات وتوظيفه توظيفا سياسيا سيئا للنيل من وزارة النفط العراقية (بصرف النظر عن انتماءات الوزراء المتعاقبين) واربك ذلك التوظيف السئ الشارع العراقي بما يدعم مقولة القائلين بوجود عمليات تهريب كبرى للنفط العراقي (وارجو ان لايكلفني القارئ الكريم مشقة ذكر عبارة النفط الخام لانني لا اقصد سواه بهذه المقالات بعد ما اوضحناه في المقالة الثانية فراجع) فما هي قصة العدادات؟
لابد في البداية ان اوضح للقارئ الكريم قضية علمية بسيطة وهي ان نظام القياس والمراقبة يجب ان يكون نظاما متكاملا ولا يصح اجتزاء الانظمة لانها لن تكون ذات جدوى وارجو ان ابسط ذلك فيما ياتي :
ان عملية تدقيق وجود تسرب في كميات النفط لايمكن اكتشافها ما لم يكن معلوما لدينا المعطيات التالية (كمية النفط المنتج من الابار +كمية النفط الذاهب الى المصافي المحلية +كمية النفط المخزن+كمية النفط المصدر) وهي معادلة صفرية بسيطة تساوي:
كمية النفط المنتج –(كمية النفط الذاهب للمصافي المحلية+كمية النفط المخزن+كمية النفط المصدر)=صفر
هذا اذا لم نأخذ في الحسبان كميات النفط التي يتم هدرها في الاعمال الارهابية على الابار او خطوط الانابيب الناقلة .
ان نصب العدادات مع اهميته لا يعطينا سوى معطى واحد من تلك المعطيات وهو كمية النفط المصدر ومالم يكن معلوما لدينا باقي المعطيات فمن المستحيل توفر دليل مادي على التلاعب في كميات النفط ولانجاز مثل هذا النظام يقتضي وضع عدادات لقياس كميات النفط الواردة من الابار مع عدادات لقياس كميات النفط الذاهبة للمصافي والذاهبة للخزن كل على حدة وان يكون لدينا برنامج حاسوبي (نظام قواعد بيانات) تكون مدخلاته جميع البيانات الواردة من العدادات المختلفة (والتي يجب لاغراض تقنية بحتة ان تكون من نوع واحد وبنسبة تحمل خطأ toleranceواحدة يسمح بربطها بشبكة الحاسوب) وبهذا فقط نستطيع ان نقول ان لدينا نظاما لمراقبة حركة النفط وتدقيق التلاعب ان وجد وبالاثباتات لا بالادعاءات.

لايمكن لشخص ان يقول ان هناك تهريبا للنفط مالم يكن شاهد عيان على ذلك التهريب لاننا لانملك الوسائل التقنية لاثبات ذلك !!
نعود الى وزارة النفط المبتلاة بالاتهامات (ولست في معرض الدفاع عنها لانني لا اعلم على وجه اليقين دقة الادعاءات بوجود التهريب لكنني استعرض الحقائق ليس الا) فبعد سقوط النظام السابق قام الاصدقاء المحتلون بتوزيع عقود اعمار العراق البالغة ثمانية عشر مليار دولار على الشركات الحليفة فكان هناك عقد قيمته سبعة عشر مليون دولار لنصب عدادات حساب كميات النفط المصدرة في الميناء اعطي ضمن صفقة تقسيم الغنائم من شركة بكتل الى شركة باركنسونز وكان من المفترض ان يتم انجاز نصب تلك العدادات خلال سنة (ما ادري ليش؟) ثم تم تمديد المدة سنة بعد سنة (ايضا ما ادري ليش؟)والى الان مع ان تقرير دائرة المفتش العام الامريكي في نهاية كل سنة يوجه اللوم الى الحكومة العراقية لتقاعسها في نصب العدادات (؟؟!!) .
ثم لنفترض ان العدادات نصبت فهل حلت مشكلة التهريب ؟؟
بعد الذي قدمناه يمكن ان نجيب بـ( كلا) لا سيما اذا عرفنا ان كميات النفط المصدرة لا تصدر بطريقة (الكوترة) ولو راجع القارئ الكريم مقالنا السابق الذي قلنا فيه ان كل ما يتعلق ببيع النفط الخام مكشوف ومعلن فان من نافلة القول ان نعلم هذا القارئ الكريم بان ناقلات النفط العملاقة هي ناقلات عالمية معروفة السعة والحجم وان حمولة كل ناقلة معروفة بشكل جيد لشركات التسويق ومع كل ذلك فان مهندسين عراقيين يتواجدون في الميناء وظيفتهم تدقيق وحساب الكميات المحملة بطريقة حساب الحجم وهي بالطبع طريقة قديمة ولكنها موثوقة مع انعدام وسيلة اخرى للقياس .
اذا لماذا هذا الهرج الاعلامي عن العدادات وكيف يتم تهريب ملايين الاطنان من النفط العراقي في ظل عدم وجود تلك العدادات العزيزة ؟؟
انها وسيلة ضغط وابتزاز وتسقيط سياسي لا أكثر !!
الجميع يستفيد من دعوى التهريب..هي حجة الحكومة في لضرب المناوئين بتهمة مطاردة المهربين .. هي حجة الطامع في الوزارة لتسقيط الوزير الحالي .. هي حجة الوزير الحالي لتسقيط الوزير السابق .. هي حجة لتسقيط الحكومة المحلية في المحافظات المنتجة والبصرة على وجه الخصوص .. هي حجة لقوى الاحتلال الصديقة للضغط على الحكومة وابتزازها..هي موضوع للمحللين السياسيين مدفوعي الثمن (وعبر الدائرة التلفزيونية المغلقة من لندن وباريس وهامبورغ وعمان) للظهور على فضائيات الشرقية والغربية ليفطروا قلوبنا حزنا على نفطنا الضائع .. الجميع مستفيد والانكى ان محافظ البصرة ومجلس محافظتها لا يجرؤون على نفي تلك الدعوى لأنهم وبكل سذاجة .. صدقوها !!
ولكي تضحك أكثر عزيزي القارئ فأن السيد الوزير الحالي بعدما ظهر عدة مرات لينفي وجود تهريب للنفط الخام وبعدما خلت جميع تقارير الشفافية التي يصدرها مفتش عام وزارته من اي دليل على تهريب النفط الخام ظهر على الشاشة الصغيرة مؤخرا ليتهم أشخاصا بتهريب النفط في البصرة مستفيدا من عمومية كلمة النفط (لأنه لم يقل النفط الخام) ربما في صفحة من صفحات معركة ((الاخوة الاعداء))!.
هل رأيت عزيزي القارئ دعوى أثمن وأفضل من تلك ..لا أحد يثبتها لانه لا يتوفر لأحد دليل عليها و لا أحد ينفيها لأن الجميع يستخدمها كسلاح ضد الجميع .. حتى بات حديث التهريب الذي يمكن ان يكون مفترى حديثا متواترا لا يجرؤ أحد على تضعيفه أو توهين العدول الذين نقلوه مع مجهوليتهم وكونه من المراسيل !!
ولنا معكم لقاء اخير حول هذا الملف باذن الله