الأحد، 8 يونيو 2008

تهريب النفط العراقي حقيقة..ام خيال4


كيف يمكن لنا أن نفصل في صحة دعوى وجود تهريب النفط من عدمها؟..ما هي الاليات التي يمكن لنا ان نتبعها لنقرر هل هناك حقيقة تهريب للنفط ام لا؟..كيف يتأتى لنا أن نخرج الشعب العراقي من محنة البحث عن الحقيقة وأعادة الثقة والاطمئنان اليه بان حكومته لم تغفل واجب المحافظة على ثروات البلد ومقدراته وأنها لم تترك العراق نهبا للسراق والمجرمين ؟
الجواب بسيط جدا .. ممثلوا الشعب هم من تقع عليه هذه المسؤولية العظمى .
وساذهب بعيدا فاقول ان نواب الشعب يتحملون مسؤولية ووزر الالم الذي سببته دعوى التهريب لابناء الشعب العراقي طوال السنين الماضية . هم وحدهم من سمح للاشاعة بان تنتشر على مدى اربع سنوات او خمس دون ان يبذلوا ادنى جهد لتاكيدها وبالتالي محاسبة مرتكبيها أو نفيها وقطع دابر الذين يكيدون للعملية السياسية في العراق مما سمح بعرض اجزاء جديدة من فلم الرعب هذا ادخلت فيه دول الجوار كضيوف شرف في قصة واسعة وممتدة الاطراف والمضحك ان السادة النواب يوجهون اللوم الى دول يحتاجون الى تصاريح سفر لدخولها والاستفسار منها ولا يكلفون انفسهم عناء الاتصال الهاتفي بالوزارة التي لا يحتاجون الى تصريح لدخولها !!
ان من الواجبات الاساسية لمجلس النواب هو اجراء المراقبة على اداء مؤسسات الدولة واصدار والغاء وتعديل التشريعات بما يضمن عدم التفريط بحقوق الشعب الذي يمثلونه.
انا اقول للسادة ممثلي الشعب ان الاوان لم يفت بعد وان عليهم ان يكونوا بمستوى مسؤولياتهم وان يناقشوا الحقائق الجلية ويحتكموا الى الوقائع لا الاقوال والاكاذيب وان يجعلوا القضاء عونا وساندا لهم في مهمتهم.
لقد سمعت مؤخرا ما يمكن ان يكون فيه بارقة أمل فقد نقلت الفضائيات يوم امس خبرا مفاده ان مجلس النواب سيقوم بفتح هذا الملف للتحقيق فيه ولكي انقل للقراء الكرام رأيي الشخصي في هذه المبادرة من مجلس النواب (وارجو بشدة ان اكون مخطئا) فاني اقول أن المجلس الموقر الذي اهمل هذا الموضوع الحيوي طوال تلك السنين لن يتعامل بجدية مع هذا الملف وأن شيئا لن يحدث قبل انتخابات مجالس المحافظات (ان اجريت في موعدها المقرر في تشرين اول او تاجلت كما بدأت عناصر من المفوضية المستقلة للانتخابات تشيع في وسائل الاعلام ((لاسباب فنية)))
لماذا ؟ لان دعوى التهريب وكما ذكرت ضمن هذه المقالات هي دعوى ذات هدف سياسي لا أكثر!!
وأنها مذخورة كسلاح في حرب الانتخابات المقبلة !!
ويعلم الله كم بودي أن اكون مخطئا وان يأخذ مجلس النواب الموضوع بكل جدية وينهي ملف التهريب قبل انتخابات مجالس المحافظات لان دعوى التهريب وان كانت مفيدة لكل الكتل السياسية في تسقيط بعضها البعض الا ان المحصلة انها قد اسقطت الجميع ولوثت الجميع خصوصا مكونات قائمة المرجعية او ما كان يعرف بالائتلاف الموحد الذين أستأثروا بالوزارة فقد مزق بعضهم جلابيب البعض الاخر واصبحوا بحاجة لمن يستر عوراتهم ومن لا يصدق فليطلع على تقارير هيئة النزاهة والتي دخلت هي الاخرى في هذه المعركة كطرف فيها لا كفيصل بين الاطراف فتأمل !!
الكل يعرف ان رئيس الهيئة (كرئيس أي دائرة) هو شخص تنفيذي لديه واجبات وصلاحيات محددة تمكنه من تسيير الامور الادارية والمالية لهيئته تحديدا كالتعيين والترقية واصدار التعليمات التي تنظم شؤون الهيئة وان للهيئة اليات تنفيذية و قانونية تمكنها من استدعاء المسؤولين ومساءلتهم واتخاذ الاجراءات القضائية كالتوقيف لاغراض التحقيق والاعتقال والاحالة للمحاكم وغيرها وهذه الاجراءات يضطلع بها فريق متخصص داخل الهيئة يعمل باستقلالية عن رئيس الهيئة فلماذا نسمع التصريحات من رؤساء الهيئة المتعاقبين عن تورط مسؤولين في الدولة بعمليات فساد اداري ومالي وهم حتى لم يستدعوا للمساءلة في الهيئة ومن يتمعن في تصريحات السادة رؤساء الهيئة السابقين يجد ان لها خلفية شخصية تتعلق بعلاقتهم بالسيد رئيس مجلس الوزراء او بمرجعياتهم الادارية والاغرب انهم يحتفظون بوثائق الهيئة (في عملية فريدة من الفساد الاداري وسرقة وثائق الدائرة) ويعرضونها لا على مجلس النواب العراقي بل على مجلس النواب لدولة الاحتلال الصديقة او في اضعف الاحوال على وسائل الاعلام متجاوزين كل الانظمة والاعراف الادارية ومعرضين في الوقت نفسه أمن تلك الدوائر لخرق خطير وهذه المفارقة لا يمكن ان تحدث الا في بلد مستباح كالعراق.
ولرب سائل يسأل بعد ان قرأنا كل تلك المقالات عن رصانة عمليات استخراج وبيع النفط الخام وشفافيتها فهل يمكن لنا ان نقطع بخلو وزارة النفط أو القطاع النفطي عموما من الفساد الاداري والمالي؟
ولاننا لسنا في معرض اتهام احد او تبرئة ساحة احد نقول ما من قطاع في الدولة يتضمن نشاطات متعددة كالانتاج والتصدير والاستيراد والتوزيع والنقل ونشاطات داخلية مهمة كالاعمار والصيانة وتأهيل البنى التحتية مما يتطلب استيراد المواد الاولية والاحتياطية وابرام عقود ومقاولات ضخمة و يمارس كل تلك النشاطات وجلها نشاطات تجري في الغرف المغلقة وتفتقر الى اجراءات الشفافية ثم يخلو هذا القطاع من الفساد وهذه من البديهيات ولو ان مؤسسات الدولة المختلفة (لا مؤسسات الحكومة فقط) مارست عملها الطبيعي ومنه اكمال الحسابات الختامية لوزارات الدولة وتدقيقها عند مناقشة قانون الموازنة العامة لاكتشفت جوانب مهمة من هذا الفساد وعليه لنا ان نقول ان الجميع مشتركون في الفساد ولكن ليس الجميع يملؤون جيوبهم من اموال ذلك الفساد.
نحن وان كنا تجاوزنا فكرة هذه السلسلة من المقالات الا انني وجدت من الضروري ان يطلع القارئ الكريم على جوانب حيوية من حركة المال العام بهدف وضعه بالصورة الاقرب للحقيقة وتهيئته لعدم تقبل كل ما يقال له لا سيما ما تنتجه ماكنة الاعلام مدفوع الثمن والذي لا يتحصل منه سوى وضعه في متاهة كافكاوية لا يحسن الخروج منها.
ارجو ان اكون قد وفقت لتحقيق الغاية التي رسمتها لنفسي في هذه السلسلة من المقالات راجيا من القارئ الكريم التماس العذر لي في حالة وجود اي ثغرة او تقصير غير مقصود ولعلنا نلتقي في مقالات اخرى تتضمن افضل الوسائل لعلاج ظاهرة الفساد في الدولة والمجتمع والله من وراء القصد.